هل تم الانتقام من الراشدي باستبعاده من هيئة “محاربة الرشوة”؟

 

    أنشطة_ملكية 

هل تم الانتقام من الراشدي باستبعاده من هيئة “محاربة الرشوة”؟

أفاد بلاغ صادر عن الديوان الملكي بأن الملك محمد السادس، تفضل، يوم الإثنين 24 مارس 2025، بتعيين عدد من مسؤولي المؤسسات الدستورية. ويتعلق الأمر بكل من :


عبد القادر عمارة، رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؛محمد بنعليلو، رئيسا للهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها؛حسن طارق، في منصب وسيط المملكة.


" height="250" src="https://img1.blogblog.com/img/video_object.png" width="300" style="cursor: move; background-color: rgb(178, 178, 178);">


بلاغ الديوان الملكي المشار إليه، تعرض للكثير من القراءات والتحاليل والتفاسير حول خلفيات وأهداف تعيين بعض الأسماء وإستبعاد أخرى، أبرزها تلك المتعلقة بإنهاء مهام محمد البشير الراشدي، من رئاسة “الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها”.


فعدد من “التحاليل” التي تناولت الموضوع، صورت للمتتبع أن الراشدي “بطل قومي” تعرض للاستهداف من خلال استبعاده من منصبه بسبب وقوفه في وجه الفساد والاستبداد.


أصحاب هذا الطرح، اعتمدوا في دعم وجهة نظرهم على عدد من القرائن، من أبرزها تقرير الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها لسنة 2023، والذي تحدث عن كون “الفساد يكلف المغرب 50 مليار درهما سنويا”، وما تلاه من ردود فعل وتصريحات لمسؤولين حكوميين وحزبيين من الأغلبية والمعارضة.

من الناحية الشكلية، يمكن قبول، نوعا ما، وجهة نظر المدافيعن عن كون الراشدي “استهداف” لما تم إنهاء مهامه على رأس الهيئة المذكورة، خصة في ظل شعور شعبي عام بوجود “جيوب مقاومة” لمحاربي الفساد المستشري في البلاد، والتي تزكيها تصريحات مسؤولين حكوميين، لكن من حيت المضمون بخصوص هذه الواقعة بالضبط، فحجيتهم واهية، للأسباب التالية:


من يُعيِّن في هذا المنصب هو الملك محمد السادس، وفق صلاحيات منحه له الدستور، والتعيين لا يكون اعتباطيا أو ارتجاليا، وإنما بعد دراسة معمقة لبروفايل الشخص الذي يراد تعيينه والوقوف على الأسباب التي تدفع إلى إنهاء مهام مسؤول ما. فالملك “ضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة”، وفق منطوق الفصل 42 من دستور المملكة المغربية.أصحاب نظرية استهداف الراشدي، من حيت يدرون، ومنهم الكثير، أو من حيت لا يدرون، وهم أقلية، يصورون إنهاء الملك لمهام الراشدي، وكأنه “تزكية للفساد والمفسدين ورفض للتقارير التي تكشف حقيقته!!!!! “، ومع هؤلاء نتساءل: إن كان الحال كذلك فلماذا سيتم إنشاء هذه المؤسسة وغيرها من مؤسسات الرقابة أصلا؟ هل الراشدي كان ينشر تقارير اللجنة التي ترأسها قبل تقديمها إلى الجهات المعنية، أي الملك؟ وإن كانت هذه الجهات غير راضية عما تضمنته تقارير الراشدي، فلماذا سمحت بنشرها إذا؟ وهل بإنهاء مهام الراشدي سينتهي عمل اللجنة وتنقطع تقاريرها؟وإن سلمنا بنظرية استهداف الراشدي، فهذا يعني أن الاستهداف طال كذلك عددا من المسؤولين السابقين بمجالس دستورية، أزعجت تقاريرهم جهات في المغرب، من قبيل الرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، وكأنه بعد تعيين زينب العدوي توقفت تقارير هذا المجلس عن وضع الأصبع على الجرح وأصبحت تشيد بعمل المؤسسات والحكومات !!المدافعون عن نظرية “استهداف الراشدي خدمة للفساد لكونه أزعج المفسدين”، استندوا إلى كون استبعاده جاء بعد عدم رضا الحكومة الحالية عن تقاريره، مما دفعها إلى الرد عليه من خلال ناطقها الرسمي وبعض وزرائها بل ذهبت حد “تقليص ميزانية هيئته”، بحسبه، وهو الأمر الذي تم توضيحه من قبل الحكومة، لكن بالعودة إلى الحكومات السابقة، على الأقل حكومة حزب العدالة والتنمية، نجد أنه دائما كان يقع تقاطب بين الحكومة وهذه المؤسسات الدستورية، بعد إصدار تقارير تخالف الأرقام المعلن عنها من طرف الحكومة، ومحرك البحث غوغل مازال يحتفظ بعدد من الانتقادات القوية التي ووجهت بها تقارير المندوبية السامية للتخطيط، سواء في عهد بنكيران أو العثماني.القائلون بكون الراشدي أُستبعد لكونه “كان محاربا شرسا للفساد” لم يقدموا للجمهور بعض المعارك الشرسة التي خاضها السيد الراشدي في وجه الفساد، وأين تجلت بصمته في التصدي لهذه الظاهرة التي لا ينكر أحد إنتشارها بقوة في المجتمع المغربي بكل تمفصلاته؟ وإن كان الجواب هو التقرير الذي كشف كلفة الفساد نقول: هناك العديد من التقارير الدولية وتقارير وطنية سواء رسمية أو غير رسمية تحدثت عن دور الفساد في إعاقة التنمية في المغرب، بل إنه من أبرز توصيات لجنة النموذج التنموي، القضاء على إقتصاد الريع وبؤر الفساد الاقتصادي والإداري، حتى نتمكن من تنمية إقتصادية تحقق بعضا من الرفاهية للمغاربة .من بين المتحمسين لفكرة أنه تم الانتقام من الراشدي، استشهدوا بإنهاء مهام أحمد الحليمي على رأس المندوبية السامية للتخطيط، معتبرين أن اعفاءه جاء بسبب تقارير المندوبية التي أزعجت الحكومة ورئسها، لكن إن عدنا حوالي سبعة أشهر سنجد أن جل المهتمين تقريبا كانوا يطالبون بإنهاء مهام الحليمي تحت شعار: “خليو السيد يمشي يرتاح راه بلغ من السن عتية واش معندناش أطر شابة ممكن تخلف هؤلاء العجزة؟”، وما أن أعفية “باش يرتاح”، حتى أعتبر ضحية!!!


وفي الأخير نقول: ما الراشدي إلى مسؤول قد خلا من قبله مسؤولين، وإنهاء مهامه قد يكون لأسباب شخصية/صحية أو لأخطاء تدبيرية أو لارتمائه في حضن جهة سياسية مما يتخالف وحياد الهيئة التي كان يشرف عليها أو لأسباب أخرى لا يعلمها إلا أصحاب الحل والعقد، أما كون استهدافه لأنه حارب الفساد فهذا كلام لتغليط العباد ومأزقة البلاد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم