بوغطاط المغربي | سليمان الريسوني تحت نيران غضب شعبي للمغاربة بسبب دعمه للبوليساريو.. وهكذا تحول إلى بوق دعائي للنظام الجزائري
لم يكن التحول الذي طرأ على خطاب سليمان الريسوني تجاه قضية الصحراء المغربية وليد الصدفة، بل جاء نتيجة اصطفافه التدريجي مع الدعاية الجزائرية وأذرعها الإعلامية. فبعدما كان يقدم نفسه كصحفي مستقل، بات اليوم يعيد إنتاج سرديات البوليساريو، محاولا منحها شرعية إعلامية من خلال “ترجمات” و”تحليلات” تصب في مصلحة الطرح الانفصالي.
وفي خطوة أثارت غضبا واسعا، نشر سليمان الريسوني ترجمة لمقال يتبنى خطاب البوليساريو. ولم يكتف بذلك فقط، بل أضفى عليه طابعا تبريريا يعزز السردية الانفصالية، مستندا إلى قرارات محكمة العدل الأوروبية التي حاول البوليساريو استغلالها لصالح دعايته، رغم أن تلك الأحكام لم تنجح في عرقلة المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة لصالح الحل المغربي ولا تهم المغرب أصلا وإنما تهم الدول الأوروبية.
وما إن نشر الريسوني هذا المحتوى حتى انهالت عليه ردود أفعال غاضبة من المغاربة، الذين استنكروا بشدة هذا الانزلاق نحو تبني الخطاب الانفصالي. فقد اتهمه البعض بشكل مباشر بالترويج لأجندة معادية للوحدة الترابية، فيما حاول آخرون استفساره عن موقفه الحقيقي، ليأتي ردّه متملصا ومراوغا، دون تقديم إجابة واضحة تدحض التهم الموجهة إليه.
وجاءت التعليقات الغاضبة لتعري “خيانة” الريسوني، من ضمنها تعليق للشاعرة المغربية ثريا مجدولين التي كشفت بوضوح بأن سليمان يقوم بتقديم “مقال للرأي العام بحمولة عدائية للمغرب”، مشيرة إلى أن “النبرة الانفصالية واضحة في كلامه”، وهو ما يعكس استياءً عاما من استغلاله منصة إعلامية لمحاولة تمرير أجندة انفصالية.
معلق آخر خاطبه قائلا: “الصحراء مغربية، ولو بالترجمة عندك مشكل ضد النظام، هذا شأنك، ولكن احترم سيادة الوطن!”، في إشارة إلى أن انتقاد الريسوني لا يتعلق بموقفه السياسي، بل بترويجه لأجندة تتعارض مع الوحدة الترابية للمغرب.
من جانبه، وجه معلق آخر نقدا أكثر حدة، قائلا: “حرصكم الغريب على نشر القصاصات المناوئة للوحدة الترابية للمملكة يحبط كل من كان يساندكم أيام محنتكم!”، في إشارة إلى أن هناك من كانوا متعاطفين مع الريسوني في قضايا سابقة، لكن مواقفه الأخيرة كشفت حقيقة توجهه، مما دفعهم إلى التخلي عنه.
أما التعليق الأكثر تعبيرا عن الغضب الجماهيري فجاء من شخص كتب: “سليمان، أتعاطف معك في محنتك، لكن طريقة حديثك عن الصحراء المغربية تجعلك تبدو وكأنك لست مغربيا، بغض النظر عن موقفك من النظام.” هذه العبارة تكشف أن المشكلة الأساسية ليست في انتقاد السلطة، بل في تبني خطاب يمس بالوحدة الوطنية، وهو ما اعتبره المغاربة خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.
والأكثر إثارة هو ظهور معلقين آخرين يدافعون عن الطرح الانفصالي بشكل مباشر في تعليقاتهم، معتبرين أن “الصحراء ليست مغربية”، وهو ما يكشف عن بيئة إعلامية بدأت تتشكل حول الريسوني، تتبنى خطابا يخدم مصالح البوليساريو والنظام الجزائري. بل هناك كتائب الكترونية تنشط من “العالم الآخر” مكلفة بتضخيم منشورات الريسوني وترويجها على أوسع نطاق على مواقع التواصل الاجتماعي ودعمها دعما لا مشروطا.
في الواقع، لم يكن هذا الانحراف في خطاب الريسوني معزولا عن تحركاته الأخيرة وتواصله مع شخصيات معروفة بترويجها للدعاية الجزائرية في أوروبا، مثل الصحفي الإسباني إغناسيو سيمبريرو وفرانسيسكو كاريون.
سيمبريرو، الذي يحاول منذ سنوات تقديم نفسه كصحفي استقصائي، اشتهر بمواقفه العدائية تجاه المغرب، ونشره لمقالات تتماهى مع الخطاب الجزائري الرسمي، سواء عبر التهجم على المغرب ومؤسساته السياسية أو عبر دعمه الضمني لأطروحات البوليساريو. ارتباط الريسوني به، سواء عبر إعادة نشر مقالاته أو تبني خطه التحريري، يثير تساؤلات حول مدى اختراق الأجندة الجزائرية أشباه الصحفيين في المغرب وولائهم لنظام “العالم الآخر”.
أما فرانسيسكو كاريون، فقد اشتهر بدوره في الترويج لدعاية البوليساريو عبر منصات إعلامية غربية، مقدما نفسه كخبير في الشؤون المغاربية، رغم أنه لا يخفي انحيازه الواضح للطّروحات الجزائرية. وقد لوحظ أن الريسوني بدأ يتماهى مع أسلوبه، سواء في انتقاء المواضيع التي يترجمها أو في طريقة تقديمه للنزاع حول الصحراء، ما يؤكد أن هناك تقاطعا في الأجندات بينه وبين هذه الأسماء المثيرة للجدل.
لم يعد سليمان الريسوني مجرد صحفي يعبر عن رأيه، بل أصبح قناة ترويجية للأطروحة الانفصالية، سواء عبر “ترجمة المقالات” أو من خلال ردوده التي تتماشى مع الخطاب الجزائري الرسمي. والأخطر أن هذا التوجه لا يأتي من فراغ، بل يعكس تحالفا ضمنيا بين بعض الأبواق الإعلامية المغربية وأجندة معادية للوحدة الوطنية، تسعى إلى اختراق الساحة الإعلامية والترويج لروايات مشوهة عن القضية الوطنية.
إن هذا التحول الذي شهده خطاب الريسوني يطرح تساؤلات جوهرية: هل نحن أمام تحول شخصي، أم أن هناك جهات تقف خلف هذا الانزلاق؟ وهل يمكن اعتبار ما يقوم به سقطة إعلامية عابرة، أم أنه جزء من مشروع إعلامي موجه يستهدف التشويش على النجاحات التي حققها المغرب في ملف الصحراء المغربية؟
في جميع الأحوال، يبقى الموقف الوطني المغربي ثابتا، مهما حاولت بعض الأصوات استغلال الإعلام كأداة لتمرير الطرح الانفصالي. فالحقائق التاريخية والسياسية تؤكد أن الصحراء مغربية، ولن تغير ترجمات الريسوني أو تحليلاته الانتقائية شيئا من هذه الحقيقة.