الفرقة الوطنية تحقق مع ساجد تركة العمدة بين يدي الشرطة.. تفاصيل تقرير أسود يتعقب الوزير الأسبق ساجد
يخضع الوزير الأسبق والأمين العام السابق لحزب الاتحاد الدستوري محمد ساجد، إلى بحث قضائي تقوده الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، للاشتباه في تورطه في تبديد أموال عامة واختلالات شابت تدبير جماعة الدار البيضاء التي سبق أن ترأسها بين 2003 و2015، وهي الاختلالات التي كانت موضوع تقرير أسود للمجلس الأعلى للحسابات يعود إلى عام 2013، ما يعني أن التحقيق المباشر معه اليوم مرت عليه 11 سنة.
تحقيقات ضباط الفرقة الوطنية مع العمدة الأسبق للعاصمة الاقتصادية ومجموعة من المسؤولين الذين دبروا معه تلك الحقبة، إضافة إلى مديري شركات حصلت على الصفقات، تتمحور حول شبهات فساد إداري ومالي سجلت بجماعة الدار البيضاء، خاصة تلك التي كانت مجازر البيضاء مسرحا لها، وسبق لمجلس الحسابات خلال فترة تولي إدريس جطو رئاسته أن رصدها في تقرير حافل بالفضائح.
وبالعودة إلى هذا التقرير الذي تنطوي المعطيات الواردة فيه على جرائم جنائية، فقد كشف أن الجماعة تحملت خلال الفترة الانتدابية لساجد نفقات طائلة دون مبرر، كمصاريف استهلاك الماء والكهرباء التي بلغت 19 مليون درهم خلال الفترة الممتدة ما بين ماي 2008 إلى غشت 2011، واحتساب تلك المبالغ بالإضافة إلى الواجبات الضريبية من قبل الشركة المفوض لها التسيير بأنها نفقات وتحملات في تقارير البيانات الحسابية للشركة، رغم أن دفتر التحملات يشير إلى أن استهلاك مادتي الماء والكهرباء والمحروقات وصيانة الآلات والتجهيزات تتحملها الشركة المفوض لها وليست الجماعة.
الأكثر من ذلك، فقد توقف قضاة مجلس الحسابات خلال عملية افتحاص الجماعة عند اختلالات في مشروعين لتشييد وتهيئة الطرق في إطار صفقتين الأولى بقيمة 42 مليونا و840 ألف درهم، والثانية بـ18 مليونا و840 ألف درهم، لكن الجماعة أعدت دفاتر الشروط الخاصة بهما دون إنجاز الدراسات المطلوبة، كما عرفت صفقة تتعلق بالطرق إدماجا غير مبرر لأشغال الإنارة العمومية، ما ضيع على الجماعة أزيد من 21 مليون درهم، علاوة على تبديد الملايين من المال العام، أهدرت بسبب فوارق كبيرة في أسعار وأثمنة الخدمات التي أنفقت أموالها من ميزانية الجماعة لفائدة الشركات المستفيدة، بالمقارنة مع أسعار السوق.
فرضية التقادم
ويطرح توقيت تحريك هذا الملف بالذات سؤالا عريضا، على اعتبار أنه مضى على شبهات الفساد هاته أزيد 10 سنوات، ما يعني أن “وقائعه تطل على التقادم الجنائي طبقا للمادة 5 من قانون المسطرة الجنائية”، يقول محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، متسائلا: “لماذا لم تقم الجهات المعنية، أي الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، بإحالة التقرير على النيابة العامة في حينه، طبقا للمادة 111 من مدونة المحاكم المالية؟”.
وطرح الغلوسي فرضية أخرى، تشير إلى أن التقرير قد يكون بالفعل أحيل على النيابة العامة فلم تقم بما يتوجب عليها قانونا، معتبرا أن “مثل هذه المنهجية والمقاربة في التعاطي مع قضايا وملفات الفساد غير مقبولة وتقوي الشعور بكون تحريك قضايا وملفات الفساد ونهب المال العام يخضع للمزاجية والانتقائية وحسابات غير حسابات القانون والعدالة”.
ومع ذلك، يرى رئيس “حماة المال العام” أن فتح الأبحاث القضائية بخصوص شبهات فساد ونهب المال العام “أمر محمود، بل ومطلوب، سواء تعلق الأمر بمحمد ساجد أو غيره من المنتخبين والمسؤولين”، مشددا على أن ضرورة “محاسبة ومساءلة محمد ساجد كشخص تولى المسؤولية العمومية مثله مثل باقي المسؤولين على قدم المساواة أمام القانون، على قاعدة أن تقوم كل المؤسسات بأدوارها المنوطة بها قانونا وترتيب النتائج الضرورية في حينه لدفع فاتورة المسؤولية العمومية دون إبطاء او تأجيل مهما كانت الاعتبارات والظروف”.