50 عاما على المسيرة الخضراء.. كيف حول المغرب القوة الشعبية إلى واقع سياسي ودبلوماسي؟
مساء 16 أكتوبر 1975، خاطب جلالة الملك الراحل الحسن الثاني شعبه قائلا: "… لم يبق شعبي العزيز إلا شيء واحد، إننا علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرق المغرب إلى غربه. علينا شعبي العزيز أن نقوم كرجل واحد بنظام وانتظام لنلتحق بالصحراء لنحيي الرحم مع إخواننا في الصحراء".
فاستجاب مئات الآلاف من المدنيين لهذه الدعوة، مشاركين في 6 نوفمبر 1975 في عملية سلمية ومنظمة، حملت رموز الإيمان والوطنية، لتصبح تجربة فريدة في استخدام القوة الشعبية لدعم الرؤية سياسية على الساحة الدولية.
المسيرة الخضراء.. واقع استراتيجي منظم
الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، هشام معتضد قال إن المسيرة الخضراء "مثلت لحظة فريدة في التاريخ المغربي، تجاوز فيها الخيال السياسي حدوده ليتحول إلى واقع استراتيجي منظم". وأضاف إن "هذا الحدث عبر عن التقاء الذاكرة الوطنية مع هندسة القرار السياسي، وحول دستور السياسة إلى مشهد شعبي هائل، شكل نقطة مفصلية في تكوين السرد الوطني الذي استخدمته المؤسسة الملكية لتثبيت مطلب سيادي أمام انسحاب قوة استعمارية مترددة".
وأوضح في تصريح لموقع القناة الثانية أن "المسيرة لم تكن عملا عفويا، بل عملية تعبئة منظمة ومتقنة، شارك فيها مئات الآلاف من المدنيين المسلحين بالإيمان والرموز الدينية والوطنية". مسجلا أن "الطابع السلمي للمسيرة لم يكن صدفة، بل أداة استراتيجية لخفض تكاليف المواجهة ورفع كلفة الرفض الدولي لأي حل لا يمر عبر تفاهم مغربي".
وتابع: "المبادرة جاءت في سياق سياسي ودولي دقيق، بعد رأي استشاري للمحكمة الدولية وظروف انسحاب إسبانيا من مستعمراتها، ما خلق مزيجا من الضغوط التاريخية والدبلوماسية والمحلية مكن الرباط من إعادة تعريف واقع الأراضي محل النزاع". فالمسيرة، بحسبه، "لم تكن نهاية النزاع، بل بداية مرحلة جديدة لإدارة قضية ذات أبعاد عسكرية ودبلوماسية وقانونية".
من القوة الشعبية إلى الدبلوماسية المنهجية
وشدد هشام معتضد على أن "الدرس الأول للمجتمع الدولي من المسيرة الخضراء هو أن القوة الشعبية المنظمة قادرة على خلق واقع سياسي جديد". فقد "استطاع المغرب، من خلال هذا الحدث، أن يحول مطالبه إلى ملف تفاوضي قائم بذاته، معتمدا على دبلوماسية منهجية راكمت الاعترافات والمصالح المشتركة على مدى العقود اللاحقة".
ويرى الخبير أن "الفكر الملكي المغربي تعامل مع المسيرة كتمرين في مزج الشرعية الرمزية بالشرعية العملية، إذ استثمرت المؤسسة الملكية في رواية وحدة التاريخ والتراب، وفي بناء بنى سياسية ودبلوماسية جعلت من قضية الصحراء ورمزية الدفاع عنها منصة تفاوض مستمرة".
وأشار إلى أن هذه المقاربة الملكية امتدت لتشمل مبادرات اقتصادية ودبلوماسية واسعة مع دول العالم الإسلامي والإفريقي والأوروبي، لترسيخ المكتسبات على الأرض. مسجلا أن "تحويل المسيرة من لحظة رمزية إلى مشروع تطوري تحقق عبر برامج استثمارية ودبلوماسية اقتصادية ومؤسساتية هدفت إلى جعل الوحدة الترابية رافعة للتنمية والاندماج الوطني".
الذكرى الخمسون.. من الذاكرة إلى التنمية
على المستوى الإقليمي، أوضح هشام معتضد أن الدينامية التي أطلقتها المسيرة الخضراء أعادت رسم موازين العلاقات في المنطقة. فبعض دول الساحل والصحراء رأت في الشراكة مع المغرب منفذا اقتصاديا واستراتيجيا، بينما اختارت الجزائر والجهات المؤيدة لانفصال الصحراء مقاربة قائمة على حسابات إقليمية معقدة.
ويرى الخبير في هذا الصدد أن "إدارة المغرب لعلاقاته الإقليمية منذ 1975 أصبحت ورقة تفاوضية فاعلة لتثبيت مكانته، وتعزيز حضوره في ملفات الأمن والتنمية الاقتصادية بالقارة الإفريقية".
وفي ختام حديثه، شدد معتضد على أن المغرب، في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، "لا يكتفي بالاحتفال بالرمز، بل يعمل على تحويل قانونية الذاكرة إلى سياسات تنموية ودبلوماسية مستدامة، وإلى خارطة طريق تضمن استدامة الاعترافات وتحوّل إنجاز 1975 إلى واقع بنيوي قابل للقياس ومحمي من تقلبات السياسة اليومية".
🤝انضم إلينا واحصل على أخير الأخبار متنوعة وطنية ودولية 📢 إلى أعجبك الفيديو شركه مع أصدقائك ؟
ولا تبخل علينا بـ:
👍 إعجاب🤓
💬 تعليق
📤 مشاركة
🎁 كلها مجانية 😂
🔔 ولا تنسَ تفعيل الجرس... دعه يشعر أنه لا يزال على قيد الحياة 🛎️😅
🙏 شكرًا لكم، دعمكم هو سبب استمرارنا، ومعكم نكبر يومًا بعد يوم 🇲🇦📈
📢 تابعونا فـ مواقع التواصل الاجتماعي باش توصلكم كل الجديد اخبار الكترونية من مصدرها الرسمي 📰🗞️ Google News
