بين جبل عرفة وجبل الفنيدق ضاعت الموازين

الحركة الشباب الهجرة

 



بين جبل عرفة وجبل الفنيدق ضاعت الموازين

في الـ 15 من شتنبر، اليوم الذي اختاره بعض المغاربة موعدًا للهروب الطوعي من الوطن، يتجدد التساؤل حول الأسباب التي تدفع هؤلاء لاتخاذ هذه الخطوة الجذرية. ما الذي يدفعهم إلى الهجرة؟ هل وصل بهم الحال إلى درجة أنهم لم يجدوا ما يسد رمقهم أو ما يسترهم؟


لا يمكننا القول إن الجوع هو السبب الرئيسي، فقد رأينا جميعًا مشاهد التضامن الرائعة التي تلت زلزال الحوز، وكيف قدم الفقير نصف كيس دقيق، وقدمت الفقيرة ما تملك من حلي، رغم رخص ثمنها.


ما يحدث يستدعي وقفة تأمل جدية: لماذا يكبر حلم الهجرة لدى الشباب المغربي مع مرور الأيام؟


عندما نجد نخبة من الكفاءات في الدولة والقطاع الخاص تتطلع للعمل في كندا وفرنسا، هل السبب هو عدم توفر لقمة العيش؟

الأمر أعمق من ذلك؛ إنه عن موازين الظلم والتمييز و”الواسطة”، عن أمور لا تسير كما ينبغي في المغرب، على عكس ما هو الحال في الغرب.


بينما يجتمع البعض في جبال الفنيدق بحثًا عن فرصة للهجرة، يجتمع آخرون في جبل عرفات لأداء مناسك العبادة، وبين هذه المشاهد تضيع الموازين!


فالوقوف في عرفة من أجل تأدية مناسك الحج بلباس يوحد بين الغني والفقير والشخص ذو النفوذ والشخص البسيط.


أما الوقوف في جبل الفنيدق, فهو من أجل البحث عن العدالة والمساواة ووضع حد لأساليب ” باك صاحبي” والتمييز والحكرة والظلم.


الجواب ليس ببساطة البحث عن لقمة عيش، بل لأن هؤلاء الشباب ذاقوا مرارة التعامل مع الإدارة العمومية، وواجهوا التعسف من حراس الأمن أمام المستشفيات.


المغرب ليس أسوأ حالاً من بعض الدول، ولكنه أيضًا ليس أفضل من الدول الغربية. هناك مشاكل تؤرق المغاربة وتدفعهم للتفكير في الهروب، مشاكل تتعلق بالتعاملات اليومية والظلم الذي يشعرون به من قبل بعض المسؤولين في الشرطة والتعليم والصحة وغيرها من القطاعات.


الأمر لا يتعلق فقط بالهروب من أجل الثراء أو الحصول على منازل وسيارات، بل يتعلق بالبحث عن حياة منتظمة، خالية من الظلم والإذلال. لقد سئموا من الوقوف أمام حراس مواقف السيارات “جيلي جون” الذين يفرضون رسومًا غير مبررة لمجرد التوقف لدقائق أمام مخبز.


الهجرة بالنسبة لهؤلاء ليست هروبًا من الجوع، بل هي هروب من واقع يفتقد للعدالة والكرامة.



إرسال تعليق

أحدث أقدم